خطبة الجمعة في مسجد علي بن أبي طالب
[ الإنفُلُوَنزا البشرية ]
7 / 5 / 1430 هـ
1 / 5 / 2009 مـ
[ الإنفُلُوَنزا البشرية ]
7 / 5 / 1430 هـ
1 / 5 / 2009 مـ
لقد سمعتم يا عباد الله بالوباء الجديد الذي يهدد البشرية .. ذلك الوباء المسمى بإنفلونزا الخنازير , والذي سبقه من قبل إنفلونزا الطيور الناشيء عن الخنازير أيضاً ..
وقد أصيب العالم بحالة فزع وهلع لم يسبق لها مثيل , وذلك لأن هذه الإنفلونزا تهدد البشرية بالهلاك والموت ..
وسبب ذلك الوباء هو جرأة العباد على الله , وإعلانهم بالحرب عليه .. وكما تعلمون أن ربنا الحكيم يمهل ولا يهمل , وإنه ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته (( إن ربك لبالمرصاد )) ..
ولعل بعضنا يقول : طالما نحن لسنا ممن يأكل لحم الخنازير فلسنا مقصودين بهذا الوباء إذن .. ولكننا يا عباد الله عندما نرى الذين يحاربون الله من هنا أو هناك ودون أن نزجرهم أو ننهاهم فنكون من المهددين بأي وباء يستشري العالم .. قالت السيدة عائشة : يا رسول الله , أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : (( نعم إذا كثر الخبث )) ..
وها نحن اليوم نواجه ما هو أخطر من الإنفُلُوَنْزا الحيوانية , إننا نواجه في مجتمعنا المسلم إنفلونزا بشرية تُنذِرُنا بهلاك محتَّم في الدنيا والآخرة , هذا ومن دون أن نشعر بفزع ولا هلع من جراء هذا الوباء الذي عمنا وطمنا !!.
هل نظرتم إلى شتيمة الله وتوارثها , وإلى فاحشة الزنا ومساوئها , وإلى الرشوة وانتشارها ؟!
كم يُشتم الله في اليوم يا عباد الله ؟!! ألم ينهنا ربنا عن سبِّ ما يعبده المشركون حتى لا يسبوا الله عدواً بغير علم ؟ (( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ )) ألم نلحظ إلى أن هذه الآية تشير إلى أن سب الله أكبر من الشرك به ؟ وإلا لم ينهنا عن سبّ ما يعبده المشركون من دون الله .. فكيف بمسلم أسلم نفسه لله يتجرأ أن يسب خالقه ؟ أليس الله هو أول من يجب الإيمان به مع كامل تنزيهه عن كل ما لا يليق به سبحانه ؟ ألم يقل سبحانه : (( ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله )) ؟. ألا تلحظون كيف أصبح الكثير من المسلمين اليوم يتوارثون هذا السب والشتم كابراً عن كابر حتى أصبح الجيل بعد الجيل يرويها ؟!.
ووالله ثم تالله لو ذهبت الدنيا بأكملها أهون وأيسر من أن يُسَب الله مرة واحدة , فما بالكم بالذي اتخذ هذه السُّبة اللعينة عادة له وتسبيحاً !! أليست هذه إنفلونزا بشرية أخطر وأخطر من أي إنفلونزا حيوانية , حيث إنها ستهلكه في الدنيا بسخط الله عليه , وستهلكه في الآخرة في نار تتسعر ليس لله فيها رحمة ..
وكذلكم انتشار فاحشة الزنا في أوساط مجتمعنا المسلم بكثرة عجيبة , حتى أصبح الفساق يتفاخرون في مجالسهم بأفعالهم الوسخة والقبيحة , وكل واحد يستمرئ هذه الفاحشة ويستسهلها , ولم ينزجروا بقوله تعالى : (( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً )) ولما غفلوا عن قوله سبحانه : (( وساء سبيلاً )) انتشرت فيهم إنفلونزا مرض نقص المناعة , هذا المرض الذي اجتاح ولا يزال يجتاح أوروبا وأمريكا وجنوب أفريقيا , حتى بدأ يدخل إلى عالمنا العربي والإسلامي ..
إن هذا المرض يا عباد الله هو من إساءة هذا السبيل , بل إننا نلحظ في ذات الوقت تحقيق اكتشاف آخر جديد يشير إلى أن هذا القرآن هو من كلام العليم الخبير ..
وثمة أمر في هذا الصدد يا عباد الله , وهو أن الأغرب من هذه الفاحشة هو عندما تجد الشهداء على عقود الزواج من الزناة , والشهداء على عقود المواثيق من الزناة , والذين يفصلون بين الجهات المتنازعة من الزناة , ومهما شممنا روائح قذرة من أي رجل فسرعان ما ننسى تلك الروائح النتنة , بينما لو ظهرت رائحة واحدة من امرأة ما , لبقيت لعنتنا عليها إلى أبد الدهر , ولبقيت رائحتها فائحة على جميع أهلها ولو تابت ألف توبة ..
ثم انظروا إلى الرشوة وسيئاتها , تلك الرشوة التي تقلب الحق باطلاً وتجعل من الباطل حقاً , انظروا إليها كيف تنتشر اليوم في أرجاء المجتمع العربي كانتشار النار في الهشيم , حتى إنك تكاد لا تجد قاضياً من غير رشوة , ولا شرطياً من غير رشوة , ولا كاتباً في المحاكم من غير رشوة , ولا مديراً لدائرة من غير رشوة , ولا مراقباً في التموين من غير رشوة .... , وكل هذه الرشوة على حساب الحق وأهله .. فلذلك نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( لعن الله الراشي والمرتشي )) و (( ما نبت جسم من سحت ( من حرام ) إلا كانت النار أولى به )) ..
معشر المؤمنين :
يجب علينا جميعاً في هذه الأيام أن نتنبه وينبه أحدنا الآخر إلى أن الإنفُلُوَنْزا البشرية هي أخطر علينا من أي إنفُلُوَنْزا حيوانية مهما اشتد خطرها , وذلك لأن الإنفُلُوَنْزا البشرية تفسد علينا دنيانا ودينَنا وآخرتَنا , ونخسر بسببها ربَّنا , ومن خسر الله لم يربح شيئاً ..
قلت لكم قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
عدل سابقا من قبل أبو حازم طعمة في الجمعة مايو 22, 2009 9:35 pm عدل 2 مرات