اظفر بذات الدين وصاحبة الخلق القويم
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
(( تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها , فاظفر بذات الدين تربت يداك )) .
ففي هذا الحديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم الخصال التي يطمع فيها الرجل في المرأة عند اختيارها شريكة لحياته ..
فمن الشباب من يفضل المرأة الغنية أو الموظفة طمعاً في مالها دون أن يهمه فراغها من الدين أو قلة إيمانها !!!.. ومثل هذا على أغلب الأحيان لا يكون سعيداً في حياته , وذلك بسبب :
1- ربما تكون زوجته شحيحة وبخيلة , ولا ترغب في أن تسلمه مالها أو تمكنه منه , مما يجعله يواجه الصدمة الكبرى من هذه الزوجة التي ما تزوجها إلا طمعاً في مالها .. وعند ذلك ستقع بينهما مشاكل كثيرة تودي بهما ربما إلى هلاك أحدهما أو إلى الشقاق والفراق , وبالتالي تضيع الأسرة ..
2- أو ربما تكون زوجته الغنية هذه متباهية بمالها , فتراها تمننه على الدوام بأفضالها عليه , مما يولد بينهما العداوة والبغضاء , فيفقد الزوج بذلك السكن النفسي والاطمئنان الروحي إلى زوجته , مما يجعله يتحول إلى رجل عديم المودة والرحمة , وبالتالي تصبح الأسرة غير مستقرة ومهددة بالضياع ..
3- أو ربما تشتغل هذه الزوجة بمالها على حساب تربية أولادها , فتضيع أولادها من حيث لا تشعر ..
4- أو ربما تفتقر الزوجة ذات يوم أو تتوقف لسبب ما من وظيفتها , وعند ذلك يرى الزوج أن لا حاجة له بها بعدما انعدمت يداها وهلك مالها , لأن الخصلة التي تزوجها من أجلها لم تعد موجودة فيها , فيلجأ إلى مكارهتها ليخالعها على مهرها ويتخلص منها , وتتهدم بذلك الأسرة ..
ومنهم من يفضل المرأة الحسيبة والنسيبة في قومها طمعاً في اكتساب حظوظ دنيوية أو مناصب سياسية , وذلك كمن لو كانت ابنة مدير أو وزير , هذا ودون أن يهمه التزامها الضعيف بدينها ..
ومثل هذا كيف يكون حاله فيما لو تعالت هذه الزوجة عليه وقالت له :
كنت حثالة فصنعتك , ووضيعاً فرفعتك , وفقيراً فأغنيتك .....؟!!!.
ومثل هذا كيف يكون حاله فيما لو انكشف الستر عن أبيها _ وكان من رجالات هذا الزمان _ وقد ظهر فساده في البر والبحر ؟!!!.
فمن يختار صاحبة الحسب والجاه إذا كانت فارغة من الدين , فإنه سينعدم من السعادة والهناءة في حياته ..
ومنهم من يفضل المرأة الجميلة لجمالها فقط حتى وإن كانت فارغة من الدين أو ضعيفة الإيمان .. وتراه لا يهمه منها إلا جمالها وحسب ..
ومثل هذا كيف يكون حاله فيما لو ذهب جمال زوجته بمصيبة من المصائب ؟ كمن أصابتها النار مثلاً وشوهت بعض خلقتها , وغير ذلك مما يحتمل أن تصاب به المرأة في جمالها ويذهب بريقها الفاتن ..
فمثل هذا الزوج سيفقد الشيء الذي من أجله تزوج بهذه المرأة , وعند ذلك لن يكون سعيداً في حياته , وربما تصبح الأسرة على شفا حفرة من الضياع ..
أو ربما تكون هذه المرأة متباهية بجمالها الفاتن إلى حد أن تستعمله في إغواء الآخرين وفتنتهم , وعند ذلك إما أن يكون هذا الزوج ديوثاً لا غيرة له ولا حمية , وينتشر الفساد بين الناس من فساد زوجته , أو أن يكون هذا الزوج غيوراً بشدة على زوجته , وعندها ستقتله غيرته إن سكت وصبر , أو تتعرض أسرته إلى الضياع ..
ومنهم من يفضل المرأة صاحبة الدين على من سواها , وذلك لأن المرأة عندما يتوفر فيها الدين وتكون ملتزمة بشريعة ربها , فإنه لا شك أنها ستجتمع فيها الصفات الأخرى تباعاً بطريقة معنوية أو غير مباشرة ..
فالملتزمة بدينها تكون غنية في نفسها , لأن الله تعالى يرزقها العفة والقناعة , ومن رزقت القناعة وفرت على زوجها المال بترك البذخ والسرف والتبذير .. وفي الحديث : (( ليس الغنى عن كثرة المال والعرض , ولكن الغنى غنى النفس )) .
والملتزمة بدينها تكون حسيبة في نفسها , وهذه أفضل من التي تكون حسيبة بأهلها وحسب .
لا تقل أصلي وفصلي أبداً ـــ إنما أصل الفتى ما قد حصل
والملتزمة بدينها تكون جميلة في روحها وقلبها وخلقها ؛ وجميلة المخبر هي أفضل من جميلة المظهر وحسب , لأن جمال المظهر وحده قد يذهب , بينما جمال الباطن يبقى ولا يذهب ..
وهذا كله لا يمنع من أن تجتمع في المرأة الصفات المعنوية والحقيقية في نفس الوقت , على أن تكون صفة الدين والتقوى أساس هذه الصفات , وأما باقي الصفات فما هي إلا صفات كمالية لا أكثر ..
ومن أجل هذا وغيره نجد النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد على صاحبة الدين بقوله : (( فاظفر بذات الدين تربت يداك )) . ويقول صلى الله عليه وسلم : (( الدنيا متاع , وخير متاعها المرأة الصالحة )) ..