خطر اللسان وغفلة الإنسان (1)
طلب مني الأستاذ الفاضل سامح شعبان عبر رسالة بريدية من مقره الحالي في دولة الكويت أن أكتب في الموقع الرسمي لمدينة زاكية ملخصاً لكتابي : ( خطر اللسان وغفلة الإنسان ) وذلك ليطلع على محتواه زملاؤه الأفاضل الكرام .. ونظراً لضيق الوقت الشديد عندي وخاصة في هذه الأيام , اضطررت أن آخذ هذا الملخص عن بعض الإخوة الأكارم الذين نشروا كتابي عبر شبكة الإنترنيت في أكثر من عشرين موقعاً ومنتدى , وهذا الملخص هو من أجمع الملخصات التي نشرت وشرحت كتابي ..
هذا ولأمور فنية لم أتمكن من إضافته في صفحة الموقع الرسمي فأضفته في المنتدى , وكذلك لأمور فنية اضطررت إلى تقسيم الملخص إلى قسمين ..
يقول الأخ أبو محمود خيال العمر في منتدى العقاب :
قام أحد العلماء المعاصرين واسمه وليد طعمة بجمع مجموعة لا بأس بها من المكفرات القولية التي انتشرت في عصرنا الحاضر بين الناس في كتاب سماه ( خطر اللسان وغفلة الإنسان ) ، فأردت أن أورد منها ما أعتقده صواباً وما هو أكثر انتشاراً بين الناس وخصوصاً عندنا في بلاد الشام .
1- يظلمك الله كما ظلمتني ومثلها لا تظلم الله أظلم : فهذا القول فيه نسب الظلم لله تعالى وحاشا الله أن يظلم أحداً وهو أعدل العادلين ،
قال تعالى : ? وَما رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبيدِ ? [ فصلت : 46 ]
ولكن يمكن استبدال هذه الجملة بأن يقول المظلوم : ( ينتقم الله من فلان كما ظلمني ) لأن الله ينتقم من الظالمين والله أعلم .
2- فلان مسكين لا يستحق هذه المصائب والله يصبها عليه صباً : هذا القول فيه كفر لأن فيه نسب الظلم لله تعالى أيضاً .
3- المسكين والصالح يراه الله وأما المسيء والطالح لا يراه الله :في هذا القول نسب الظلم لله تعالى بادعاء أنه تعالى لا يحسن التصرف والعدل بين عباده تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً .
4- لا حول لله ومثلها لا حول لله من أمر الله : في هذا القول فيه نسب العجز لله تعالى ، إذ المعنى لا قوة لله ولا حول ، وهذا كفر .
قال تعالى : ? إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ ? [ البقرة : 20 ]
ومن أراد الهروب من الوقوع في الكفر وأن ينال بدلاً من ذلك الثواب الجزيل عند الله تعالى ، فليقل ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) فإنها كنز من كنوز الجنة كما أخبرنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم [ انظر صحيح البخاري (3968) وصحيح مسلم (2704) ] .
5- لا يقدر الله عليه أو لا يستطيع الله عليه أو لا يرجعه الله أو لا يحركه الله : هذه الأقوال وهي للأسف كثيرة الانتشار بين الشباب يقولها بعضهم عندما يكون هناك إنسان عنيد أو جبار متسلط ويعجز عن مقاومته الآخرون أو قد لا يعجزون وإنما لا يستطيعون مقاومته إلا بصعوبة ، فتراه يقول أحدهم ( إيه الله ما بيحسنلو ) كما يقال بالعامية .
وآخر تتعطل سيارته فيجد صعوبة في تصليحها فيقول ( إيه الله ما بشغلا ) أي لا يقوى الله على تشغيلها ، تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً .
وآخر إذا بدأ بالكلام لا يسكت إلا بصعوبة ، فيقول أحدهم عنه : ( هذا إذا تكلم لم يسكته حتى الله ) فهذا كفر ، وبعضهم يتهرب من الكفر فيقول (هذا إذا تكلم لم يسكته إلا الله ) والواقع يكذب هذه الدعوى ، فأي إنسان هذا الذي يتكلم ولا يستطيع أن يسكته إلا الله ، أي قوة جبارة يملك هذا الإنسان ؟! ..
فكل ما ذكرنا من ألفاظ هي كفر مخرج عن الملة لأن فيها نسب العجز لله تعالى وهذا كفر بالإجماع .
6- يا عيني على ربك :إذا أحسن إنسان لإنسان بأمر ما ، أو أحسن صنعاً بعمل قام به ، أو نفذ المهمة كما يجب ، فإنه يُقال لهذا المحسن « يا عيني على ربك » .
وهل الله تعالى يفتقر لمن يجعل عينه عليه ، يحرسه ويحفظه بها ؟!..
فهذا أيضاً من الكفر الأكبر لأن قائل هذه الكلمة ينسب إلى الله سبحانه وتعالى الافتقار إلى غيره من مخلوقاته وهذا باطل فالله تعالى غنيٌ عن العالمين .
قال تعالى : ? وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ? [ آل عمران : 97] .
بل إن الله هو الذي يحفظ جميع مخلوقاته .
قال تعالى : ? فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ? [ يوسف : 64] .
7- حيَّرت ربي : هذه المقالة فيها نسب الحيرة إلى الخالق سبحانه وهي صفة نقص لا يتصف بها إلا الإنسان الضعيف المحتاج لغيره ، فكيف يوصف بها رب العرش العظيم .
8- صرعت ربي أو جنَّنت ربي أو خوتت ربي أو عقدت ربي : عندما يُحدث شخص آخر بكلام سخيف أو ممل يقول الذي مل من الكلام ( سكوت ، صرعت ربي ) وهو يقصد صرعتني وهي لفظة عامية تعني أسمعتني كلاماً سخيفاً سبب لي آلام رأس ومللتي وأضجرتني به ، ولكن قائلها يقع في الواقع في الكفر عندما ينسب الصرع (آلام الرأس وغيره من الانتقاص ) إلى الله سبحانه وتعالى ، ومثل كلمة صرعت ربي الكلمات الأخرى التي فيها الانتقاص العظيم لله سبحانه وتعالى .
قال تعالى : ?كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا ? [ الكهف : 5] .
9- حل عن ربي :
وقائل هذه الكلمة يقولها لشخص قد أتعبه بالكلام أو بأفعال تزعجه ، فيقول له ( حل عن ربي) أي ابتعد عن ربي فقد أتعبته وهو يقصد (حل عني) أي ابتعد عني فقد أتعبتني ، فيا للعجب لماذا لا يستخدم هذا الشخص اللفظ الذي يدل على المعنى المطلوب بدلاً من أن يستخدم لفظ يوقعه في الكفر ؟!..
10- فلان يكذب كذباً لا يعلمه الله : هذه الكلمة فيها نسب الجهل لله عز وجل ، وهذا انتقاص واضح له سبحانه وتعالى وهو كفر بإجماع العلماء . قال تعالى : ? وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم ? [ البقرة : 231] .
11- استفقاد الله رحمة : قولي : استفقدتُك ، أي بحثت عنك أو طلبتك بعد غيبة قال تعالى : ? قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير ? [ آل عمران:29].
فهو العالم بخفيات الصدور وما اشتملت عليه، وبما في السموات والأرض وما احتوت عليه، علام الغيوب لا يعزب عنه مثقال ذرة ولا يغيب عنه شيء، سبحانه لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة .
12- الله يعرف شغله : في هذه الكلمة إثبات صفتي المعرفة والشغل لله سبحانه وتعالى ، أما المعرفة فهي ضد الإنكار ، فأقول عرفت فلاناً أي لم أنكره ، وقد ثبت في الحديث الصحيح نسب المعرفة إلى الله سبحانه وتعالى ، فقد روى الإمام أحمد بسند صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لابن عباس رضي الله عنهما : « تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة » [ مسند الإمام أحمد (1/306) ، وانظر صحيح الجامع الصغير وزيادته للألباني رقم الحديث (2961) ].
ومعنى الحديث : تحبب وتقرب إلى الله بطاعته والشكر على سابغ نعمته والصبر تحت مر أقضيته وصدق الالتجاء الخالص قبل نزول بليته في الرخاء والأمن والنعمة وسعة العمر وصحة البدن فالزم الطاعات والإنفاق في القربات حتى تكون متصفاً عنده بذلك معروفاً به يعرفك في الشدة بتفريجها عنك وجعله لك من كل ضيق مخرجاً ومن كل هم فرجاً [ فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي (3/251) ] .
هذا وقد نفى الأستاذ وليد طعمة صفة المعرفة عن الله تعالى ، لأن المعرفة يسبقها جهل بزعمه ، وهذا محال بالنسبة لله تعالى ، وهذا الذي قاله الأستاذ لا شك ينطبق على صفة المعرفة التي يتصف بها الإنسان حيث يسبق المعرفة عنده الجهل والإنكار ، وهذا ينطبق أيضاً على علم الإنسان فإن علمه يسبقه جهل ، ولكن لا يقال إن علم الله يسبقه جهل وكذلك الأمر بالنسبة للمعرفة ، لأن حقيقة صفات الله عز وجل تختلف عن حقيقة صفات المخلوقين ، ونحن لا نثبت لله صفة إلا بالدليل السمعي الذي ثبت بالوحي من عند الله سبحانه وتعالى ، مع نفينا مماثلة الله في صفاته لأحد من مخلوقاته والله أعلم .
وأما صفة الشغل فلم ترد لا في القرآن ولا في السنة الصحيحة فنسبها إلى الله لا تجوز أبداً ، لأن الشغل من صفات المخلوق فإذا وصف بها الله تعالى فقد تم تشبيهه بمخلوقاته وهذا كفر .
قال تعالى : ? لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ? [ الشورى : 11] .
وعلى كلٍ فالقول السابق خطِر يجب الابتعاد عنه .
13- حتى إذا جاء الله أو إذا شفع الله لك ما تراجعت عن هذا العمل :
وبالعامية يقولون ( إذا بيجي الله ) لا أفعل هذا ، فقائل هذه الكلمة يقلل من شأن الله وينتقصه ، بل يظهر أنه لا يخاف الله ولا يقيم له وزناً حتى لو رآه رأي العين ، فهلا سأل نفسه ماذا يساوي هو أمام قوة الله وجبروته حتى يتحدى الله بمقالته تلك ؟.. إنه عبدٌ ذليل حقير فقير إلى الله وهو لا يساوي عند الله جناح بعوضة بل الدنيا وما فيها لا تساوي عند الله جناح بعوضة .
ومثل هذه الكلمة قول بعضهم ( إذا بيجي الرسول ) إلى آخر الكلام الساقط ، فهذا فيه انتقاص للرسول صلى الله عليه وسلم وهو كذلك كفر والعياذ بالله .
14- كرَّهني الله أو كرهت الله :
هذه الكلمات يقولها بعضهم إذا غضب من غيره لأنه أساء إليه إساءة بالغة وهذه الكلمات كفر لا شك فيه ، لأن من لا يحب الله ورسوله ظاهراً وباطناً فهو كافر بإجماع المسلمين .
قال تعالى : ? وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ [ البقرة : 165] .
عدل سابقا من قبل أبو حازم طعمة في الخميس يونيو 04, 2009 9:02 am عدل 1 مرات